العرس الجماعي
سر مقدس وحبّ أبدي
أضحى العرس الجماعي الذي تنظمه الرابطة المارونية تقليداً سنوياً، ومناسبة لافتة تشدّ الانظار اليها، وتستقطب إهتمام الاعلام، وذلك لما يمثّله هذا الحدث من معان ساميّة، وما يعكسه من عبر وتطلعات.
فالزواج عند المسيحيين مقدس، لأنه سر من أسرار الكنيسة، وليس مجرد عقد بين إثنين. يتقدّم العروسان أمام مذبح الرب ويؤكدان بكلمة “نعم” إرتباطهما الأبدي، وسيرهما معاً في دروب الحياة بكل ما تحملّ من مسرّات ومشقات. وهو ارتباط يحتاج الى كثير من المواكبة الروحية والاحاطة من قبل السلطة الروحية لضمان إستمراره، ثابتاً، راسخاً، متجذراً في القيم المسيحية التي تنظم قواعد الحياة الزوجية على إيقاع الإيمان والوفاء والالتزام ببناء عائلة، والحفاظ على النسل، وتنشئة عائلة سليمة، من دونها لا قيامة لمجتمع ووطن.
وإن الزواج الجماعي الذي يباركه صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكلي الطوبى، يضفي فوق رؤوس العرسان إكاليل المجد والكرامة، وينثر الكثير من فيض محبته، ويغدق عليهم كريم رعايته الأبوية، ليأتي ناجحاً بكل المواصفات والمعايير التي حددتها لجنة الشؤون الاجتماعية والانشطة الداخلية في الرابطة، وقد أضحى بفضل المواظبة والسهر والسعيّ الدؤوب الى مؤسسة قائمة في ذاتها، تتوجه الى الشباب الماروني، وتوفرّ له عدداً من الحوافز التي تدفعه الى الزواج وتأسيس عائلة لبنانية مسيحية، بالرغم من ترديّ الاوضاع الاقتصادية، وانحسار فرص العمل عند الشباب.
إن الرابطة المارونية تحمل هموم الشباب، وترصد ما يتعرضون له من صعوبات وتحديات سواء في تأمين المسكن والطبابة والتعليم، خصوصاً لمحدودي الدخل منهم، ويعتصرّها الالم وهي ترى خيرة اللبنانيين يهجرون وطنهم، ويسعون لبناء مستقبلهم خارجه. والتحدي الكبير يكمن في الوقوف بوجه هذا الواقع الأليم. وكان لا بدّ من نقطة بداية. وقد يشكلّ هذا العرس السنوي منطلقاً للشروع في مبادرات جماعية تطاول كلّ مناحي الحياة توخياً لعدالة اجتماعية تجدد ثقة الشباب بلبنان.
وفي هذه المناسبة السعيدة نرفع الصلاة الى جانب أبينا السيد البطريرك، وأصحاب السيادة المطارنة ورجال الاكليروس، لكي يرعى غبطته زواج العرسان، ويحصنّه بالبركة الإلهية، ويمشحه بميرون الفرح، ويبارك أيامهم، ويفتح أمامهم أبواب السعادة، ويوطدّهم بالإيمان بربهم ووطنهم، فيكونوا عائلات على غرار العائلة المقدسة.
فألف مبروك للأزواج الجدد، وليطوقهم عقد الحب الابدي، وليضيء أمامهم درب الحياة الهانئة، وليشرّع أمامهم نوافد الطموح الى غد أفضل يستحقونه، لأنهم أبناء الإيمان.
ومن كانوا أبناء للايمان، سيحصدون الخير والامل، ويستجيب الله دعاءهم.