كل سنة يقدم الجراح اللبناني الأصل رئيس قسم جراحة العمود الفقري في جامعة بوسطن الأميركية البروفسور طوني تنوري براءة اختراع جديدة لتطوير عمليات الديسك والعمود الفقري، من خلال جراحات ذكية (اي بثقوب صغيرة). 12 براءة اختراع غيّرت مجرى حياة ألوف المرضى وصححت الخلل وأعادتهم سريعاً الى حياتهم العملية والطبيعية وسيطرت على آلامهم.
الجراح اللبناني اللامع لم تثنه نجاحاته في الخارج عن العودة الى لبنان مرة في السنة على الاقل، منظماً مع الدكتور رجا شفتري مؤتمراً علميا للسنة التاسعة توالياً من خلال الجمعية العالمية للجهاز الحركي. وهذه السنة عقد المؤتمر اعماله في فندق فينيسيا للبحث في آخر المستجدات في المجال الطبي في جراحة العظام والمفاصل والعمود الفقري، وآخر التنقيات في معالجة الالام، بمشاركة نخبة من الاطباء والباحثين العالميين والمحليين، مركزاً على مشكلات ترقق العظام كما الكسور، والطب الرياضي والجراحات المتعلقة به، والتقنيات الحديثة لعلاج أمراض العمود الفقري من خلال الجراحات التي تعتمد المنظار والثقوب الصغيرة.
وللتوسع في الموضوع التقت “النهار” البروفسور طوني تنوري، الذي ابرز أهمية الجراحات من خلال الثقوب الصغيرة في العمود الفقري. وقال ان الترهل الغضروفي او ما يعرف بأمراض الديسك شائعة لأنها سمة من سمات الشيخوخة، وهي متوقعة وطبيعية انما تستدعي الانتباه عندما تصبح مؤلمة. وفي بعض الاحيان يعاني منها الشباب لأسباب جينية او حوادث تعرضوا لها. وأحد ابرز اسباب الالم هو ضغط الديسك على الاعصاب (ستينوسيس) اي الانزلاق الغضروفي حين يضغط على العصب ويسبب بالتهاب العصب السياتيكي، وبالتالي هو ألم من اعلى الرجل الى أسفلها، كما يسبب احتكاك الفقرات (الخشونة اي التكلس) او الكسور. ويتعافى معظم المرضى من خلال علاجات عدة غير جراحية مثل الأدوية المضادة للالتهاب والرياضة البدنية والعلاج الفيزيائي وتغيير نمط الحياة، وفي بعض الأحيان من حقن الكورتيزون والزيت وغيرها في أماكن الألم. واعتبر البروفسور تنوري أن قلائل بين الناس اي نحو 5 في المئة من المرضى لا يستفيدون من هذه العلاجات، فيحتاجون الى التدخل الجراحي. “في السابق كانت الجراحات التقليدية تعتمد على الشق وتوسيع العضلات للوصول الى الفقرات المريضة لاكمال العمل الجراحي. هذا النوع من الجراحات قد يتسبب بضرر دائم لعضلات الظهر وهي اساسية للحركة ما بعد الجراحة، مع امكان حصول نزيف او التهاب للجرح. ومع التقنيات الحديثة اصبحت الجراحة تتم من خلال ثقوب صغيرة تراوح بين ثقب واحد الى اكثر وفق حالة كل مريض. وتوسع العضلات من خلال هذه الثقوب الصغيرة، ويتم علاج مصدر الألم، من خلال توسيع المجاري حول الاعصاب، او تثبيت فقرات العمود الفقري ولحمها. وهذا التدخل يعرف بالجراحات الذكية التي تنتج عنها معافاة سريعة للمريض ومعاودة الحياة المنتجة واليومية في شكل اسرع. وهذا النوع من الجراحات هو المفضل لدى المريض الذي يريد جرحاً صغيراً لا يشوه العضلات والجسم، وكذلك العودة سريعاً الى الحياة الطبيعية باقل نسبة من الألم. ويستفيد منها المرضى الذين يعانون من الانزلاق الغضروفي (ديسك)، وانزلاق فقرات العمود الفقري، والكسور، ومن يعاني من التواء العمود الفقري (السكوليوز) ومن الاورام الخبيثة في العمود الفقري، خصوصاً كبار السن الذين يعانون من امراض اخرى مثل ارتفاع ضغط الدم او السكري او امراض القلب والرئتين ومن غير الممكن لهم ان يخضعوا للعمليات التقليدية”.
وتعتمد هذه الجراحات على ادوات وتقنيات خاصة تجعل الجراحة آمنة، وفعالة. ومعظم هذه الادوات والتقنيات ابتكرها وصممها البروفسور تنوري، ونفذتها كبرى الشركات العالمية التي تؤمن المعدات للجراحات في العظم. الفكرة بدأت حين اراد تخفيف الضرر عن الأنسجة والعضلات في مكان الألم وإجراء العمل الجراحي بدقة من دون الجرح التقليدي الكبير. وقد دفعه أيضاً تحدي استاذه في الولايات المتحدة الاميركية، في ما ان كان في امكانه التفوق على التقنيات الموجودة، وهذا ما حصل.
المصدر: رلى معوض – النهار 15-8-2016