7-7-2014
عقدت الرابطة المارونية مؤتمرها الاول بعنوان «ارضي هويتي» في قصر المؤتمرات في ضبيه، برعاية البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ممثلا بالنائب البطريركي العام على منطقة جونيه المطران انطوان نبيل العنداري، وبحضور ممثل الرئيس أمين الجميل رفيق غانم، ممثل رئيس تكتل التغيير والاصلاح النائب العماد ميشال عون النائب السابق ميشال موزايا، ممثل عن الوزير بطرس حرب بيار حرب، ممثل عن الوزير جبران باسيل سعد زخيا، ممثل رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية شادي سعد، ممثل رئيس حزب القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع جوزف نعمة، النواب: نعمة الله ابي نصر، فريد الياس الخازن وغسان مخيبر، الوزراء السابقين مروان شربل، شكيب قرطباوي، ناظم الخوري، ونقيب المحررين الياس عون،.
أشار رئيس الرابطة النقيب سمير ابي اللمع كلمة فيها الى ان «الاحصاءات تدل اليوم على ان مسيحيي لبنان، فقدوا في السنوات الاخيرة قسما كبيرا من أراضيهم، وهناك مناطق أصبحت شبه خالية من المسيحيين، وقد بيعت أجزاء شاسعة من أرضه طوعا او إكراها او إغراء».
واوضح ان «الرابطة المارونية أولت منذ سنوات موضوع الارض اهتماما بارزا، ووضعت دراسات معمقة حول هذه البيوعات، وحول وجوب تعديل قانون تملك الاجانب، وطرق معالجة البيوعات الشاسعة للاراضي بين الطوائف المختلفة، بما يصون الهوية والكيان. اليوم «ارضي هويتي» أردناه مؤتمرا من أجل لبنان، كل لبنان، لا من أجل فئة فيه، وليكن واضحا ومعلوما، ان الموارنة لا يملكون في لبنان سوى مشروع الدولة اللبنانية، وهم لم يحملوا طوال تاريخهم، الا مشروع الوطن الحاضن لكل ابنائه، ولو لم يكن الامر كذلك، لما ناضلوا خلال الحرب العالمية الاولى في سبيل قيام لبنان بحدوده الحاضرة».
واكد : «نحن الموارنة والمسيحيين وكما كل اللبنانيين الاحرار، لا نعاني من ارهاب الاجنبي، ولا نحمل الكراهية لأحد. اننا نرحب بإقامة غير اللبنانيين على ارضنا بأعداد ومساحات محددة للسكن او للعمل، لكننا نرفض ان نصبح غرباء في زمن بذل أجدادنا وآباؤنا الدم والعرق في سبيل تكوينه. وهذا المؤتمر ليس صرخة انفعالية، انه دعوة هادئة للتفكير العميق في المسائل الكيانية. فلبنان الذي يعاني اليوم أزمات سياسية واقتصادية كبيرة، مهدد في هويته البشرية والجغرافية، فمع اللاجئين النازحين أصبح نصف السكان في الوطن من غير اللبنانيين، وتحت ضغط الحاجة والاغراءات المشبوهة، صارت الارض عقارا محللا للبيع، ليس فقط بين اللبنانيين بل من غرباء يتفوقون على اللبنانيين بقدرتهم الشرائية، ويجدون في ارض لبنان ما لا يجدونه في أوطانهم».
وختم: «نقولها بمحبة وصدق وحزم، اذا كان ثمة من يريد ان يبدل في الطبيعة الديموغرافية في لبنان عن قصد وتصميم، ولمآرب خارجة عن إطار الوطن، فان من حقنا، لا بل من واجبنا ان نتصدى له بكل الوسائل القانونية، انتصارا لحقيقة لبنان ورسالته الانسانية الفريدة.
ثم ألقى الامين العام للرابطة فارس ابي نصر كلمة اعتبر فيها ان «لبنان اليوم في خطر، لذا فان الرابطة المارونية لا تهدأ. الخطر على لبنان من زحف بشري الى ارضه نتيجة حروب الشرق الاوسط من فلسطين الى سوريا، انه الخطر من المخطط المعد للبنان والمنطقة. هذا المخطط يتلخص بإنشاء مناطق جغرافية مختلفة، كل منطقة تضم مجتمعا ما من لون ما وفي بقعة جغرافية محددة، حاولوا تنفيذه بقوة السلاح، فكانت الحرب اللبنانية التي شهدنا نتائجها تهجرا وهجرة، وبعد الحرب، اختلفت الطريقة وبقي المخطط نفسه: بدأ التلاعب في الديموغرافية والجغرافية.
وقال: «ان البطريرك الماروني ومجلس المطارنة أكدوا ضرورة التصدي لكل اختلال في التوازنات الديمغرافية والجغرافية منها في لبنان «.
وتابع: «ان المخاطر تحدق بالوطن من الداخل والخارج، فنيران الفتنة والارهاب تهب من كل صوب. اما الانقسامات السياسية فقد شلت الدولة فتشتت الحكم وضعف سلطانه. لكن أخطر ما يصيبنا اليوم، هو الرضوخ النفسي للامر الواقع والتسليم به كأنه قدر محتم لا يرد.
نحن من جهتنا، قررنا المقاومة، قررنا العمل الجدي المستند الى العلم والقانون على مستوى الشؤون الوطنية الاساسية سعيا لإحقاق الحق «.
بعدها ألقى ممثل البطريرك الراعي المطران العنداري كلمة فقال:» على الموارنة، منذ بداية وجودهم، ان يحبوا الارض وليتعلقوا بها وليتجذروا فيها. ليرأوا فيها الإرث الذي تكونت من خلاله وعليه الهوية المارونية ؟”
اضاف: «ترتكز قيمة الارض اذا لدى الماروني على مفهومه الإيماني النابع من معطيات الكتاب المقدس، وعلى ما يستنتجه اللاهوت المسيحي انطلاقا من هذه المعطيات ومن سر التجسد الالهي. يحدد الكتاب المقدس علاقة الانسان بالارض، فالانسان هو ابن الارض التي جبل منها، وهي بالتالي أمه واليها نعود، والانسان خلق ليحرث الارض ويستثمرها ويمارس سلطته على كل ما عليها.
وتابع: «فالموارنة، في علاقتهم بالارض، عبر الزمان والمكان، هم أبناء الجبال والوديان. ومع تنامي الهجرة من الجبل والريف الى المدن والسواحل، اصبحت تتجاذبهم اليوم جدلية التنازع بين التطلب والشدة، والتساهل والسهولة. ونرى الموارنة يحملون اسم الارض التي سكنوها وألفوها، فانتسبوا اليها وتكنت عائلاتهم باسمها: كالكسرواني والشمالي والريفوني وغيرهم، وكأن ارض إقامتهم أصبحت مصدر شجرات عائلاتهم».
واليوم أين نحن من تجذرنا وأمانتنا لأرضنا وقدسيتها، هل نترك الساحة لباعة الهيكل يتاجرون بها لنستفيق يوما، وهو ليس ببعيد، لنصبح أغرابا في ديارنا.
ثم بدأت أعمال المؤتمر التي توزعت على أربع جلسات:
بدأت الجلسة الاولى وهي بعنوان « التبدل الديموغرافي والجغرافي في لبنان». وتحدث فيها ربيع الهبر عن الاحصائيات الديموغرافية، وبشارة قرقفي عن الحركة العقارية».
وتناول ابي نصر «الواقع الديموغرافي وتملك الاجانب». فرأى ان العنصر الحاسم والأهم في تكوين الهوية الوطنية هو ارتباطها بالارض ارتباطا وثيقا.
وقال: «هكذا تكون الهوية الوطنية، ليست سلعة للبيع والمضاربة، فهي قائمة بذاتها وتعبر عن الواقع الراهن للشعب بوصفه وحدة او مجموعة كاملة، لا وطن بدون أرض».
وختم سائلا: «هل بين توطين وتجنيس وتهجير وهجرة وإهمال متعمد لحقوق اولادنا في الاغتراب وبيع للارض واعتماد سياسة تمييز ومفاضلة إنمائيا بين منطقة واخرى وبين مواطن وآخر في ادارات الدولة ومراكز القرار وترك الحدود سائبة لكل طارق ومحتل أمام أعين المسؤولين وموافقة البعض منهم، هل المطلوب تغيير ديمغرافية لبنان وجغرافيته عمدا، وضرب توازنات تركيبته الاجتماعية الفريدة من نوعها لصالح طائفة او فئة على حساب اخرى».
وتناولت الجلسة الثانية «القوانين والمراسيم وتعديلاتها ومشاريع القوانين المقترحة» وتحدث في الجلسة التي أدارها فريد الخوري، الرئيس موريس خوام عن «تملك الاجانب وبيع الاراضي بين اللبنانيين»، الرئيس سليم سليمان عن «الارض والدستور» والدكتور انطوان سعد عن «الاسباب الموجبة للحد من بيع الاراضي من الغير تبعا للقانون اللبناني والمقارن.
اما عنوان الجلسة الثالثة، فكان «الإنماء المتوازن والتنمية المستدامة في المناطق» وأدارها غسان الحجار، وتناول فيها انطوان واكيم موضوع «التعاون والتوأمة بين البلديات» والمهندسة غلوريا ابو زيد «المشروع الاخضر»، الدكتور عصام خليفة «دور الاوقاف في التنمية المستدامة»، لوران عون «إنشاء المناطق الاقتصادية الحرة»، عزيز طربيه «التعاونيات المتخصصة». مطانيوس الحلبي «التشجيع في الانخراط في المؤسسات العامة، فيما تناول الاب طوني خضرا موضوع «العودة الى الوظيفة العامة».
وتمحورت الجلسة الرابعة حول «مصادر التمويل: هبات وقروض ميسرة» فأدارتها كارلا شهاب وتحدث فيها كل من خاطر ابي حبيب عن «دور كفالات في التنمية وفي شد المواطن الى ارضه، انطوان شمعون عن «دور صندوق الاسكان في التنمية»، محمد عرابي عن «دور البلديات في التنمية المستدامة»، باتريك عتمة عن «آلية دعم صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية» خليل حرفوش عن «اتحاد البلديات والتعاون بين القطاع العام والخاص»، سيرج عويس عن «القروض الصغيرة أداة للمحافظة على الارض».
وتخلل المؤتمر غداء وعرض فيلم «أرضي مش للبيع» وتكريم الفرسان الاربعة والمساهمين في إنجاح هذا الفيلم فقدم لهم أبي اللمع دروعا تقديرية.
المصدر: www.charlesayoub.com