14/7/2014
فؤاد ابو زيد
يمكن القول ان الندوة – المؤتمر الذي عقد في قصر المؤتمرات في ضبيه، الاسبوع الماضي تحت عنوان «ارضي هويتي» بدعوة من الرابطة المارونية لالقاء الضوء على المشكلة الوطنية الكبيرة التي يواجهها المسيحيون في لبنان، انطلاقا من استهداف الارض التي يملكون، بالاغراء والترغيب احيانا وبالقوة القاهرة احيانا اخرى، لبيعها من غير لبنانيين وغير مسيحيين، لم يأخذ حقه الكامل في النشر والتعميم على الرغم من اهمية وخطورة المعلومات الموثقة التي اعلنت في المؤتمر الذي ضم نخبة من الاختصاصيين في القانون والاحصاء والحركة المقاومة ومفهوم الارض والدستور، والواقع الديموغرافي الذي يمر به لبنان والانماء المتوازن والتنمية المستدامة، وغيرها من المواضيع التي تم بحثها ومناقشتها من منطلق الحرص على الوحدة الوطنية والعيش المشترك، وهما عاملان مع الاسف لا يهتم الشريك المسلم في مراعاتها وهو يضع نصب عينيه كيف يمكن شراء هذه الارض او هذه الشقة، من مسيحيين، بدأت الازمة الاقتصادية الصعبة تطحن تمسكهم التاريخي بالارض تحت ضغط الحاجة احيانا والاغراء المادي الكبير احيانا اخرى، دون ان نسقط الاستيلاء بالقوة وبالامر الواقع على مئات الالوف من الامتار المربعة والمساومة عليها بابخس الاثمان، وفق شهادات كثيرة ومعلومات قيلت علنا وعلى لسان مسؤولين سابقين ونواب وشخصيات.
والمؤتمر الذي امتد من الساعة التاسعة صباحا وحتى الخامسة بعد الظهر، عقدت في خلالها اربع جلسات متنوعة المواضيع ومكثفة المعلومات، خلص الى توصيات طاولت جهات عدة مثل الدولة، والمؤسسات العقارية والمصرفية، والبلديات، والتعاونيات ومجلس النواب، والاوقاف، وغيرها من الجهات المعنية بمعالجة ظـاهرة الهجمة على الارض التي يملكها مسيحيون في الدرجة الاولى، والدروز في الدرجة الثانية، ومضمون الجلسات الاربع والتوصيات لا يمكن استيعابها في مقال محدد الحجم، بل يلزمها تحقيق موّسع اتمنى على «الديار» وغيرها من وسائل الاعلام ان تفسح لها المساحات اللازمة. وسأكتفي بمقالتي هذه، الاشارة الى ان الجلسة الاولى التي عنوانها «التبدّل الديموغرافي والجغرافي في لبنان»، هي الجلسة الاكثر مأسوية بالنسبة الى المسيحيين، نظراً للمعلومات الخطيرة الموثقة التي كشفها محاضرو الجلسة وهم السيد ربيع الهبر حول الاحصائيات الديموغرافية، وكان عرضه مفاجأة المؤتمر، خصوصاً عند مقارنته نسبة النمو السكاني عند المسيحيين بنسبته عند الشريك المسلم، بما يبيّن الفرق الكبير بين النمو عند المسيحيين الذي يصل في افضل الحالات الى اثنين في المائة بينما يتراوح عند المسلمين بين 6 و8 في المئة، تلاه السيد بشارة قرقفي المدير العام السابق للدوائر العقارية الذي كشف عن كوارث في بيع الاراضي طالت مناطق في كل لبنان، ولمساحات تجاوزت الـ 17 كلم مربعاً، اكثريتها الساحقة لمسيحيين، ودروز بنسبة اقل.
اما التشريع الذي يمارس في مجلس النواب حول السماح لاجانب بشراء ارض في لبنان، فاقل ما يقال فيه انه تشريع يهدف الى تهجير المسيحيين او دفعهم الى الهجرة، وهناك اصرار على المضي في هذه السياسة التهجيرية كشف عنها النائب نعمة الله ابي نصر، معترفاً ان النواب المعارضين لهذا التشريع لم يتمكنوا من تحسين الاوضاع الا بمقدار، ما يعني ان سياسة تعريض ارض لبنان للبيع، ما زالت قائمة ومستمرة وتطول اكثر ما تطول محافظة جبل لبنان، دون ان يعني ذلك ان باقي المحافظات قد نجت من هذه الكارثة المتدحرجة.
«ارضي هويتي» صرخة خطر وغضب واحتجاج اطلقها المسيحيون، فهل تلقى آذاناً صاغية لدى الشريك المسلم؟