10-7-2014
رانيه غانم – خاص “لبنان 24”
رأى أمين العام الرابطة المارونية المحامي فارس أبي نصر “أنّنا أصبحنا امام أزمة نظام مرتبط بواقع جغرافي وديمغرافي يتبدل بسرعة”. وتساءل “أي لبنان نريد؟ فالمخاطر التي تتهدّد أرض لبنان كثيرة ومعقّدة، لقد حصل إنقلاب جذري في العقل اللبناني، وتحديدًا في العقل الماروني، عندما انكسر الحرم الوجداني الذي كان يمنع مجرّد التفكير في بيع الأرض.”
في أي إطار نظمتم مؤتمر “أرضي هويتي”؟ وما هي المخاوف الحقيقية؟
موضوع الأرض والهوية أساسي في اهتمامات الرابطة المارونية وهو في صلب أهدافها، ونحن نعمل لعقد المؤتمر منذ مدّة، فهو ليس وليد ساعته، فالرابطة المارونية ترصُد، تنبّه، تُصوّب ووتحرّك في كلّ مرّة تتعرض فيها مكوّنات لبنان للخطر، فهناك مخطط واضح يهدف إلى إعادة تقسيم المنطقة، والخطر على لبنان من زحفٍ بشريّ إلى أرضه نتيجة حروب الشرق الأوسط من فلسطين إلى سوريا إلى العراق.
هذا المخطط يتلخّص بإنشاء مناطق جغرافية ذات صفات مميّزة، كل منطقة تضمّ مجتمعًا من لونٍ ما، لقد حاولوا تنفيذه بقوة السلاح فكانت الحرب اللبنانية التي شهدنا نتائجها تهجيرًا وهجرة. وبعد الحرب، اختلفت الطريقة وبقيَ المخطط نفسه. فالهجرة بدأت بعملية تبدل وتلاعب في الديمغرافيا والجغرافيا. إنّ الرابطة المارونية تعتبر أنّ لبنان يتعرّض منذ السبعينات لمخطط خبيث، ظهرت ملامحهُ بقوّة في مطلع العام ألفين بعد صدور قانون تملك الأجانب الذي كسر قاعدة التعامل بالمثل، فشرّع للأجانب وخصوصًا للأخوان العرب شراء الأرض اللبنانية في وقتٍ لا يُسمحُ للبناني بأي تملك للارض في البلدان المعنيّة.
ولكن لا أحد يجبر الناس على بيع أرضهم؟
في الحقيقة، يتمّ استغلال الأوضاع المعيشية الضاغطة، على اللبنانيين وتحديدًا المسيحيين، عن طريق الاغراء أو الضغوط، لإجراء عمليات بيع كبيرة لملايين الامتار بصورة مشبوهة ينتج عنها تموضع جديد للمجموعات اللبنانية بما يوحي بأنّ مخططًا ما يُعدّ لهذه البلاد في إطار ما تشهده منطقة الشرق الاوسط من فرزٍ جديدٍ لخرائطها الجغرافية والبشرية. وأمام كل هذه التحدّيات، كان للرابطة موقف وتحرّك دفاعًا عن الارض، عن الهوية، عن التوازن، عن العيش المشترك، عن لبنان.
أمّا التلاعب بالجغرافيا، أي بيع الاراضي أو الاعتداء عليها، فنشير إلى أنّ عمليات البيع الواسعة النطاق والمشبوهة تشمل مساحات كبيرة في كل لبنان وبين مختلف اللبنانيين وبأسعار تتخطى سعر التداول وبتمويل مشبوه!!!
ففي الديمغرافيا كان مرسوم التجنيس الذي طعنت الرابطة به وصدر حكم بالاجماع من مجلس الشورى قضى بإعادة النظر فيه.
عملت الرابطة على الاضاءة على هذا التلاعب لدى مختلف رؤساء البلديات وإرشادهم الى طريقة تفادي البيع معتمدين الترقب المسبق وبعض الوسائل القانونية (منع إصدار رخص ـ وضع مناطق تحت الدرس ـ أو حتى إجراء استملاكات محددة … وإننا نعدّ حاليًا مشروع قانون لتقديمه بواسطة بعض النواب، لأنّ القانون يبقى الرادع الاول والاخير!
وفي الإعتداء على الاراضي، شهدنا أخيرًا إعتداءات على أملاك خاصة شاسعة، أو حتى على بعض المشاعات والأوقاف في مناطق مختلفة من لبنان. ممّا استوجب التصدّي قضائيًا لهذه الظاهرة المشبوهة وصدرت أحكام جنائية عدّة وتمّ حتى إزالة بعض المخالفات أو منع إنشاء مخالفات جديدة.
ما هو اعتراضكم على قانون تملك الاجانب؟
لحظ مرسوم تملك الأجانب إجازة بيع 3000 م2 دون ترخيص مسبق وهناك عدّة مراسيم صدرت تجيز بيع مساحات كبيرة جدًا، ونأسف لأن عمليات البيع تتمّ بواسطة مراسيم، أمّا تطبيقها لجهة تنفيذ الغاية من الشراء فلم يكن وفقًا للقانون، وهنا نطرح سؤالا: هل هو تواطؤ أم عدم قدرة على تطبيق القوانين، علمًا أنّ الاجنبي يقدم مشروع سكن تجاري أو صناعي أو سياحي، وعلى أساسه يتم طلب إصدار المرسوم من مجلس الوزراء ويتم إعطاء الترخيص ويعطى مهلة 5 سنوات لتنفيذ المشروع قابلة للتجديد، وإذا لم ينفذ الغاية التي من أجلها أعطى الترخيص يحق لوزير المال أن يطبق القانون ويبيع العقار بالمزاد العلني ويعيد للاجنبي ثمن الشراء. أمّا الباقي فيعود لخزينة الدولة.
هل ما يحصل في الشرق الاوسط يسبب خوف عند المسيحيين ويؤدي بالتالي الى هجرتهم؟
نحن كمسيحيين نشهد للمسيح كل نهار في حياتنا، الخوف غير موجود عندنا، المواجهة بالإيمان والوعي والمنطق. أمّا الخوف بالنسبة إلينا فهو على النموذج اللبناني المميّز. هذا النموذج الذي بناه أجدادنا بإرادتهم في العام 1920 عندما أسسوا الدولة اللبنانية بتنوّعها الثقافي، والديني والإجتماعي. نحن مقتنعون بأنّ المسلمين في لبنان لا يريدون التطرف الديني التكفيري، وهم أوّل ضحاياه، لكن المسيحيين يخشون من فقدان التوازن داخل العائلة اللبنانية ديمغرافيًا وجغرافيًا. وبصراحة نقول أنّ من مصلحة المسلمين في لبنان ألاّ يستمر الاختلال لأنه يضرب النموذج اللبناني الذي يتميّز به مسلمو لبنان عن سواهم من المسلمين العرب.إنّ شعور المسيحيين بهذا الخلل يدفع ببعضهم إلى الهجرة ولكن الأكثرية متمسكة بالبقاء في أرضها.
نحن نلمس أيضًا رغبة قوية لدى المهاجرين بالحفاظ على ارتباطهم بالوطن الأم.