لجنة الثقافة في الرابطة المارونية أقامت ندوة بعنوان ” البطريرك جبرائيل حجولا 1357-1367، شهادة وعبر “

في إطار سنة الشهادة والشهداء 2017 للكنيسة المارونية، وإحياء للذكرى الستماية والخمسين لاستشهاد البطريرك جبرائيل حجولا، أقامت لجنة الثقافة والتراث والحوار بين الاديان في الرابطة المارونية ندوة بعنوان ” البطريرك جبرائيل حجولا 1357-1367، شهادة وعبر ” في قاعة ريمون روفايل للمحاضرات بمقر الرابطة الكرنتينا، تحدث خلالها رئيس اللجنة مدعي عام بيروت القاضي سامر يونس، راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خير الله، بوصفه رئيساً للجنة البطريركية لسنة الشهادة، المؤرخ الدكتور الياس قطار، المؤرخ الدكتور سليم بدوي، الدكتور جوزف كريكر، عضو المجلس التنفيذي للرابطة ومقرر لجنة الثقافة والتراث وقد أدارت الندوة الكاتبة رحاب الحلو عضو اللجنة.
حضر الندوة حشد من أعضاء الرابطة المارونية والمهتمين، تقدّمهم المهندس إدي أبي اللمع ممثلاً رئيس حزب القوات اللبنانية، رئيس الرابطة المارونية النقيب انطوان قليموس وأعضاء المجلس التنفيذي للرابطة.
قليموس:
وبعد النشيد الوطني ونشيد الرابطة المارونية، القى النقيب قليموس كلمة رحّب فيها بالمحاضرين والحضور، معرباً عن سعادته بأن تكون بواكير إحياء سنة الشهادة والشهداء للكنيسة هذا العام، على يد الرابطة المارونية، محييّاً ذكرى الاحبار المجاهدين الذين ثاروا على الطغيان والاذلال وقادوا شعبهم الى مقاومة الغزاة حتى آخر نقطة من خزين أوردتهم، وفي مقدّم هؤلاء البطريرك جبرائيل حجولا الذي ما بخل بحياته أمام الامتحان الصعب، وهو ضحية الافتراء والظلم والاستبداد.
وختم: إن شعباً من دون جذور، وأمة من دون تاريخ مآلهما الى الزوال المحتم. وما كان الموارنة يوماً من هذه الفئة.
يونس:
بعد ذلك تحدث القاضي يونس، ومما قاله:” رحلّ الصليبيون وبقي الموارنة، أهل هذه الارض. بقوا ولم يرتحلوا، خافوا ولم يجبنوا، إنكفاؤا ولم يستسلموا، أحبطوا لكنهم لم ييأسوا، طائفة المقاومة هم، جماعة الشهادة هم. السيد خادم، كبيرهم أشقاهم، بطريركهم شهيدهم يحرق هو حتى لا تنطفىء شعلة الايمان، يصلب حتى يبقى صليبهم مرفوعاً. هذا هو جبرائيل حجولا القائد الفادي، نستحضره اليوم، نستلهمه لا لنبكيه أو نحرض، فنحن أهل غفران، نرسل العبرات لنستخلص العبر.
وقال: اغترب الغرب عن جذوره المسيحية ليجد في العلمنة حضارة له وهوية. فعلاقتنا بالشرق مقيمة على خوف وحذر والتباس ما دام البعض ينظر الى الموارنة على انهم أهل ذمة يؤدون الجزية وبعد رحيل سنن المغامرين بأوطان الآخرين، نبقى نحن ويبقى أحفاد المماليك، وتبقى الكنيسة والجوامع، ويبقى طيف الحجولاوي على جامع طينال يهدر بالشركة والشراكة، ومخاطبة الموارنة: بالمحبة تربحون. وحدها المحبة تنجيكم وتنجيهم.
خير الله:
المحاضرة الاولى في هذه الندوة كانت للمطران خير الله الذي شرح الهدف من إحياء سنة الشهادة، وهو “الاحتفال بشهدائنا المعروفين من رهبان مار مارون الـ 350، والبطريركين الحدشيتي وحجولا، والاخوة المسابكيين، ووضع لائحة بأسماء “أبناء وبنات كنيستنا الذين أراقوا دماءهم في سبيل إيمانهم بالمسيح، ويعود إستشهادهم الى حقبات مختلفة من التاريخ عرفت فيها هذه الكنيسة أشد الاضطهادات”.
ولخص الثوابت المارونية الاربعة الغالية:
1- حريتهم في عيش إيمانهم بالله والتعبر عن آرائهم
2- تعلّقهم بأرضهم المقدسة التي سقوها من عرق جبينهم
3- ارتباطهم بشخص البطريرك رأسهم الوحيد وأبيهم وراعيهم ورمز وحدتهم وضامنها.
4- ثقافتهم وانفتاح على الشرق والغرب.
وبعدها نوّه خيرالله بشهادة البطريرك جبرائيل حجولا أيام المماليك وهي حقبة قاسية من الاضطهادات في الاول من نيسان عم 1367، قال ” أن الكنيسة المارونية هي كنيسة الشهداء، مضيئاً على تجدد حملة الاضطهادات على المسيحيين في إنحاء عديدة من العالم وبخاصة بلدان الشرق الاوسط، قتلاً ودماراً وتشريداً وتهجيراً.”
ورأى ختاماً : إن سنة الشهادة والشهداء مناسبة فريدة ومميزة لتجديد التزامنا المسيحي والماروني والتزامنا بمناشدة الحرية لنا ولغيرنا من الشعوب ضمن إحترام التعددية الدينية والثقافية والحضارية التي تميّزنا، ولتجديد إنتمائنا الى كنيستنا الانطاكية والى محيطنا الطبيعي في العالمين العربي والاسلامي وانفتاحنا على الغرب وثقافته واتحادنا مع الكنيسة الرومانية الممثلة بالكرسي البطرسي والجالس عليه اليوم قداسة البابا فرنسيس”
قطّار:
المؤرخ الدكتور الياس قطار تناول الوثائق ومصادر المعلومات والروايات عن البطريرك جبرائيل حجولا، إنطلاقاً من زجلية ابن القلاعي، والبطريرك اسطفان الدويهي في “تاريخ الازمنة”، وتراكم معلوماتي مجهول المصدر، وأقدمه رسالة الخوري يوسف مارون الدويهي الطرابلسيّ المتوفيّ في العام 1780 مذكورة في كتاب “مختصر تاريخ جبل لبنان” للعينطوريني، وصولاً الى كتاب المطران يوسف الدبس عن “تاريخ سوريا”، وطرح قطّار عدة تساؤلات تتصل بالتراكم المعلوماتي، رابطاً ما تعرّض له الموارنة وسائر المسيحيين لمدة سنتين من 1365 الى 1367، بارتدادات الصراع بين الفرنجة والمماليك، ومدينة طرابلس 1367، فكان الانتقام القاسي والظالم من المسيحيين أدّت الى الاقتصاص منهم بأبشع الاساليب، والقبض على البطريرك الماروني جبرائيل حجولا واعدامه خارج جامع طيلان، ضاحية طرابلس. وختم قطار مستغرباً ورافضاً ما أوردته إحدى الدراسات المعاصرة التي تتهم نصارى جبل لبنان بالتآمر مع المهاجمين، وتسلّط تهمة الخيانة على البطريرك حجولا بذريعة أن أهل الذمة الذين بالسواحل كانوا يكاتبون الملك القبرصي، وقد غرب عن هذه الدراسة أن الموارنة لم يكونوا من نصارى الساحل”.
بدوي:
الكاتب سليم بدوي قدّم عرضاً عن البطريرك جبرائيل حجولا، مسلطاً الضؤ على أصوله وجذوره، واعتبر أن شهادة هذا البطريرك لم تكن سوى إمتداداً لجرائم المماليك بحق كل الطوائف اللبنانية، وهي بمنظور هذه الايام جرائم إبادة وضد الانسانية، ذاكراً اعتراض الفقيه والمؤرخ ابن كثير المعاصر عليها، والذي لم يلقَ آذاناً صاغية. ورأى أن العبرة الاهم في هذه المأساة، هو تذكّر التضحيات التي قدّمها أجدادنا التي “تفرض علينا واجب تصحيح التاريخ والتعلّم من دروسه، فنحيي التضامن في ما بيننا، ونعزز وحدتنا ونقدسّ كنيستنا، وننفتح على أهلنا من حولنا في الوطن، لكي لا تتكرر مآسي الماضي البعيد والقريب”.
كريكر:
مقرر لجنة الثقافة والتراث والحوار بين الاديان في الرابطة المارونية الدكتور جوزف كريكر شكر المنتدين، والحضور، مؤكداً ِأن هذه الندوة هي حلقة من سلسلة ندوات تعدّ لها اللجنة، واعتبر أن البطريرك حجولا هو رمز الـفداء من أجل الثوابت المارونية وهي: الثبات على الإيمان والوحدة والتجذر في الوطن. وهو رمز الشهادة لبقاء الموارنة. وبعد الثناء على قرار الكنيسة المارونية بجعل سنة 2017 سنة الشهادة، وإقامة مزار له في بلدته حجولا، دعا الى بناء قواعد العيش المشترك في لبنان على أسس متينة وثابتة.