محاضرة في الرابطة المارونية حول الهجرة اللبنانية والانماء

“الهجرة اللبنانية والإنماء” موضوع المحاضرة التي ألقاها عضو المجلس التنفيذي للرابطة المارونية المحامي لوران عون في قاعة المحاضرات بالرابطة في حضور رئيس الرابطة المارونية النقيب سمير أبي اللمع، النائب نعمة الله أبي نصر، وممثل وزير الخارجية القنصل فادي زين والوزير السابق رئيس المؤسسسة المارونية للانتشار ميشال اده، والوزير السابق رئيس المجلس العام الماروني وديع الخازن، رئيس الاتحاد الدولي للمصارف العربية الرئيس السابق للرابطة الدكتور جوزف طربيه، ممثل حزب القوات اللبنانية جهاد سليمان، نقيب المحررين الياس عون، نقيب المحامين السابق انطوان قليموس، وحشد من المهتمين.
بعد النشيد اللبناني ونشيد الرابطة المارونية تحدث عضو المجلس التنفيذي للرابطة الدكتور انطوان قسطنطين معرّفاً بالمحاضر ونشاطه في حقل الانتشار اللبناني والدور الذي قام به في متابعة موضوع إنشاء المنطقة الاقتصادية الحرّة في البترون الذي وضعته الرابطة وتحوّل الى اقتراح قانون موقع تمهيداً لدرسه في اللجان المختصة اضافة الى تأسيسه برنامج الاكاديمية المارونية التابع للمؤسسة المارونية للانتشار وبرنامج الاغتراب والتنمية التابع لبرنامج الأمم المتحدة الانمائي في مؤسسة ايدال
عـون:
بدأ عون محاضرته بالاشارة الى أهمية تسجيل اللبنانيين المنتشرين ثم تناول الشق الاقتصادي والتنموي المتعلق بدور الانتشار، مسجلاً التأثير المتزايد لهذا الموضوع الذي لم يجر التطرق اليه بجدية حتى الساعة. وحدّد علاقة الانتشار بالوطن الام إنطلاقاً من الزوايا الثلاثة: تحويلات المغتربين، عودة الرساميل الخاصة بالمنتشرين وتوظيفها بالاستثمار، هجرة الكفايات العالية الى الخارج. وأضاف عون أن هناك نظريتين تتعلقان بتأثير الهجرة على لبنان. الاولى تعتبر أن الهجرة هي نعمة، فيما تعتبر الثانية أنها نقمة. واعتبر أن هاتين النظريتين صحيحتين وغير صحيحتين في آن وذلك في غياب أي دراسة معمقة حول الموضوع. وأشار الى أن قيمة التحويلات إرتفعت من مليار ومائتي مليون دولار في العام 1998 الى ثمانية مليارات دولار حالياً، أي ما يزيد على العشرين في المائة من الناتج المحليّ، وأن معدل الفرد من هذه التحويلات هو ألفا دولار. وتذهب هذه التحويلات في شراء العقارات، والتعليم، والإيداعات المصرفية. وبيّن عون ايجابيات وسلبيات هذا الامر من خلال الأبواب التي تنفق فيها هذه التحويلات التي تفتقر الى خطة مدروسة تعزز التنمية وتربط اللبناني بأرضه من خلال خلق فرص عمل جديدة توفرّ دخلاً محترماً تحفز الشباب اللبناني على التشبث بأرضه وعدم الهجرة. ودعا الى إنشاء مجلس إغترابي فاعل تنخرط فيه أكثرية وزارات الدولة وإداراتها على غرار ما هو معمول به في دول تعيش أوضاعاً شبيهة بلبنان.
وقال عون أنه ينبغي إجراء مسح شامل يتناول الطاقات الاغترابية، شاكياً من عدم وجود إحصاءات ومعلومات لدى الاجهزة المعنية في لبنان، وأن أبحاثه تركزت بالتالي على الدراسات التي قام بها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الاوروبي للإستثمار. وتابع أن عدد العاملين اللبنانيين في الدول العربية هو 400 ألف يشكلون ثلث الطاقة العاملة وأن نسبة التحويلات هو 45 في المائة من المجموع العام. وتكلم عن طاقات اللبنانيين في العديد من الدول الغربية والافريقية.
ورأى عون أنه بإستثناء مصرف لبنان والمصارف التجارية لا وجود لخطط حكومية تولي هذا الموضوع ما يستأهل من إهتمام. وأنه من حق المنتشرين على دولتهم أن تكون هناك تشريعات تحفظ لهم إستثماراتهم. وتساءل هل يعقل ألا تضع الحكومة تصوراً سياسياً- تنموياً للهجرة، وكشف عون على سبيل المثال أنه من أصل 28 مشروعاً إستثمارياً بقيمة مليار وخمسين مليون دولار اميركي استفادت من قانون الاستثمار رقم 360 ، هناك مشروعان في السياحة والتكنولوجيا بقيمة 45 مليون دولار أي ما نسبته 4.4 في المائة من المجموع العام. ويستأثر المستثمرون العرب بـ 80 في المائة من هذه المشروعات، فيما يعود 15.5 بالمائة منها الى المقيمين. وفنّد توزيع نسب قطاعات العمل التي ينتمي اليها المنتشرون وكانت النتيجة أن 52% منهم يتعاطون التجارة فيما 16% يتعاطون الصناعة.
أما عن الحلول فاقترح عون:
– تفعيل علاقة القرى اللبنانية بالمؤسسات الاغترابية التابعة لها. وتحقيق تواصل صحي وسليم من خلال ربط تنموي واضح.
– التعاون مع الدول المستقطبة للهجرة من خلال خطة تتبع الإنماء المتوازن. وتكلم عن البرامج التي تقدمها فرنسا وايطاليا للجاليات الاجنبية على أرضها.
وشدّد على ضرورة إنشاء المناطق الاقتصادية الحرّة وحلّ مشكلة البيروقراطية ومنح التراخيص، مؤكداً أن الانتشار بات علماً إقتصادياً وتفعيله بالشكل الذي يخدم التنمية يستوجب عسكراً لا ضباطاً، ومشيداً بأداء وزير الخارجية جبران باسيل لناحية ادخال مفاهيم جديدة في ملف الانتشار اللبناني.
المداخلات:
تلا المحاضر مداخلات من رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب الدكتور جوزف طربيه، فأشار الى خطرين: الاول إقتصادي نتيجة الهجرة والثاني إختلال التوازن الوطني الديموغرافي، محذراً من تضاؤل الوزن الديموغرافي في المعادلة الوطنية، لأن الحفاظ على هذا التوازن ينقذ وجه لبنان الفريد في المنطقة، وقال أن نشاط المصارف أدىّ الى إستقطاب 180 مليار دولار، وهناك فائض سيولة يتعذر توظيفها في الوضع السياسي الحالي، وأن المصارف نجحت في إبراز وجه لبنان وفي جذب الايداعات رغم عدم الاستقرار.
– أما النائب نعمة الله أبي نصر فتناول تأثير موضوع الانتشار على الديموغرافيا مبدياً خشيته من أن يتحول المجتمع اللبناني الى مجتمع هرم. وتحدث عن مشروع استعادة الجنسية والعراقيل التي تواجهه، وأن هناك اقتراح قانون بهذا الصدد وضع في العام 2003، وهناك مشروع مقدم من الحكومة بعدما تعذر إقرار هذا الاقتراح.
– رئيس الرابطة المارونية النقيب سمير أبي اللمع قال أنه من الضروري إعادة النظر بالتشريع اللبناني على كل المستويات سواء لجهة الضرائب وتسهيل المعاملات، والسعي الى إصلاحات ضريبية لافتاً الى وجوب اعتماد حصرية المناطق الحرّة.
– رئيس المؤسسة المارونية للانتشار الوزير ميشال اده أسف لمحاولة البعض ربط موضوع استعادة الجنسية بمنح أولاد اللبنانيات المتزوجات من أجانب الجنسية اللبنانية لأن هذا المشروع هو توطين مقنع كونه يمنح الجنسية لـ 270 ألف فلسطيني. واشاد بالجهود الكبيرة التي يبذلها المحامي لوران عون في ملف الانتشار عبر ادخاله مفاهيم حديثة ومهمة جداً.