صاحب الغبطة والنيافة،
في بداية هذا العام، يتقدم المجلس التنفيذي للرابطة المارونية من غبطتكم، وعبركم من سيادة المطارنة الموارنة الإجلاء والآباء الكرام، بأحر التهاني والتمنيات، راجياً أن يمّن الله عليكم بالصحة والعافية فتكملوا رسالة الحفاظ على الإيمان في القلوب، والدفاع عن لبنان الذي افتداه أسلافكم بأعز ما يملكون.
كما يسعد المجلس هذه العشية، بعقد ثاني جلسة عمل مع غبطتكم، وهي الأمينة التي رامها هذا المجلس في اللقاء الاول معكم، أن تكون اللقاءات دورية ومستمرة…
وقد تلطفتم آنذاك بتبني وتشجيع عقد هذه اللقاءات.
صاحب الغبطة،
نحن اليوم بحضرتكم، لنقول أولاً، وقبل التطرق الى جردة أعمال قمنا بها خلال تسعة أشهر، وبصراحة ومحبة الانباء لأبيهم الروحي، أن هناك بعض المعوقات الشكلية، تحول دون التواصل الدائم معكم، وإن من واجب المجلس إطلاعكم عليها، كونكم الحاضن الاول للقوى والمؤسسات المارونية والعامل الاول على تعاونها وإصلاح الرأب فيها، وتفعيل أعمالها في هرمية، لا بد من الاخذ بها سبيلاً للعمل المنتج والمستمر.
صاحب الغبطة،
إن الرابطة المارونية، العريقة في القدم، وتبعاً للواقع، وعملاً بالنظام الداخلي الذي سارت عليه طيلة أثني وستين عاماً، هي أم المؤسسات العلمانية المارونية، وهكذا نتمنى أن ينظر اليها، فهي وبكل تواضع، تضم في صفوفها حوالي ألف ومئتي عضو، يمثلون خبرة المجتمع الماروني في لبنان وبلاد الانتشار.
وهذه الرابطة، وعبر تشبثكم إجراء انتخابات مجلسها في الموعد المحدد، حققت في لبنان وفي هذا الوقت بالذات انتصاراً ديموقراطياً يحتذى به، أفلا يحق لها أن تحظى ببعض الأولويات عند غبطتكم ؟
وهل تعلمون منذ متى، وكم ألزمنا من اتصال لعقد هذا اللقاء معكم؟
غبطة البطريرك
نحن شاهدون على انهماكاتكم، وما تعانوه، وما تجهدون به النفس، من أجل كرامة الطائفة ووحدتها، وما تبذلونه من أجل رفعة هذا الوطن.
صحيح، أن أبواب بكركي يجب أن تبقى مفتوحة أمام الجميع، فعاطفتكم الأبوية وحبكم الانساني والروحي، يحتّم عليكم إفساح المجال بلقاء القوى السياسية المارونية وغيرها على اختلاف إنتماآتها وميولها ولكن أين الرابطة المارونية من هذه اللقاءات، وخصوصاً في القضايا التي تكون من ضمن صلاحياتها، أو التي تكون قد عملت على ملفاتها طيلة سنوات ووضعت فيها الدراسات والاقتراحات.
صاحب الغبطة،
الرابطة المارونية، وعبر تاريخها المميز، وفي مسار من سبقها الى خدمة الموارنة والمسيحيين ولبنان، لم تبغِ يوماً دوراً ليس لها، ولم ترمِ منافسة مع أحد وإذا حصل ذلك فمن أجل الخير.
لقد استطاعت بدعم بكركي وموآزرتها، في جمع المتخاصمين من الموارنة، في أحلك الظروف والحقبات التي مرّ بها لبنان، في الوطن وبلاد الانتشار … وهي تعمل اليوم في هذا السياق والمسار، في سبيل وطن تريده مع المخلصين، واحةً لشركة عيش تقوم على المواطنة المحصنة بالعلم، والعدالة والاخوة والإيمان، أما الذي يأتون هذا الصرح من أجل مصالح خاصة، وكان سبق لهم وأتخذوا مواقف تتعارض مع المبادىء الدستورية التي تقوم عليها ركائز الوطن، أو الذين يوافقون على طروحات في حضرتكم، ويتنكرون لها إثر خروجهم من رتاج هذا الصرح، فرجاؤنا، وأنتم تملكون من الأدلة والمعطيات ما تدين أعمالهم.. أن لا يكون الصفح الأبوي عنهم سبيلا للتكرار.
صاحب الغبطة،
وعلى المستوى الوطني، لقد حذرتكم تكراراً من مغبة سقوط لبنان في الفراغ، وقد قام المجلس بتفويض من قبلكم بزيارة فخامة الرئيس ميشال سليمان ودولة الرئيس المكلف تمام سلام ودولة الرئيس نبيه بريّ، ناقلاً اليهم تخوفكم من سقوط لبنان الدولة والمؤسسات، مع الحاحكم على وجوب تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن.
تسعة أشهر مرت، لا تأليف حكومة، لا قانون انتخابات نيابية لا انتخابات في الامد المنظور… تمديد حتى آشعار آخر، فراغات على مستوى الادارة، خوف من المجهول على صعيد انتخابات رئاسة الجمهورية… الوضع الامني متعلق الى حد طلب عدم التجوّل في الساحات العامة والمجمعات التجارية والفنادق.
سبعة عشر مفكّراً في جريدة النهار، ليوم 27 كانون الاول الماضي، يدقون أرجراس الانذار والحزن، ويقولون وهم من اتجاهات مختلفة، إننا وصلنا الى طريق مسدود.
الفريقان السياسيان المتصارعان يتهمان بعضهما البعض، وغبطتكم تتهمونهم بالتسبب بحالة التسيْب والعنف، الحرب في سوريا لا حد لها ولا حدود، وتدفق اللاجئين لم يعد يحتمل، دعوتكم يا صاحب الغبطة وفخامة الرئيس، العقّال والاحرار والنخبة الى اتخاذ موقف… فهل نحن مغيّبون بهذا النداء، وهل نحن حقاً من النخبة.
نعم، يا سيدي، نحن من النخبة، لأننا نؤمن بما تؤمنون به وتعملون من أجله.
لم تعد تكفي الزيارات والبيانات واللقاءات التي قمنا بها الى جميع القوى اللبنانية، السياسية والوطنية، لم تعد تكفي المحاضرات والنداوات والنداآت لمن لا يريد أن يسمع.
قدرنا وواجبنا أن نتخذ اليوم مبادرات جريئة وشجاعة وصادقة، بموافقتكم وبركتكم، وهذا هو السبب الثاني لزيارتنا وما اردنا مناقشته مع غبطتكم في هذا اللقاء.
وفي هذا السياق، أحمل الى علم غبطتكم، أنني ومن أجل إطلاق هذه المبادرات، أخذت بمضمون بعض الاوراق التي وردتني من أعضاء المجلس التنفيذي، الأخوة سهيل مطر وبشارة قرقفي وجهاد طربيه، وما أدلى به باقي الأعضاء، في الجلسة التي عقدت في مقر الرابطة نهار السبت الماضي، وهي اقتراحات مبادرات، أرفعها الى مقامكم، وتتلخص بأن يطلق رئيس الرابطة من بكركي، الآتي:
1) دعوة فخامة الرئيس ودولة الرئيس المكلف الى تأليف حكومة خلال أسبوع، أو الاعتذار.
2) دعوة اللجنة السياسية في الرابطة وبالتعاون مع اللجنة الدستورية لوضع قانون انتخاب جديد، خلال شهر من تاريخه.
3) تكليف لجنة من الرابطة للتوجه الى جنيف في 22 الجاري وتقديم مذكرة، لإيجاد حلول للنازحين السوريين والفلسطينيين الوافدين الى لبنان، مع التمني أن تشارك بكركي في هذا المؤتمر.
4) سعي الرابطة المارونية مع المراجع الرسمية والكنسية كي قوم البابا فرنسيس بزيارة لبنان، بعد انتهاء زيارته المرتقبة الى الأراضي المقدسة في 26 أيار المقبل.
5) دعوة الرئيس ميشال سليمان الى تحويل مشروع اللامركزية الادارية الموسعة الى المراجع المختصة للإقرار قبل انتهاء ولايته.
6) دعوة النواب الموارنة الى الالتزام العلني والمسؤول، الذي أطلقه غبطة البطريرك لحضور جلسة انتخاب رئيس الجمهورية والمشاركة في الاقتراع، وذلك تحت طائلة اتخاذ المواقف التي ترونها مناسبة في حق المتخلفين منهم.
7) دعوة ممثلي الروابط المسيحية للاجتماع في بكركي، واتخاذ المواقف التي تصون وجودها، وتعزز موقعها في العالم العربي والمشرقي .
8) الدعوة الى صيانة الأجهزة الأمنية، ولا سيما مؤسسة الجيش وتقوية مقدراتها وتجهيزاتها الإنسانية والمادية، لتكون القوة العسكرية والأمنية الفاعلة على الأراضي اللبنانية.
9) تزخيم الحملات الاعلامية للإضاءة على هذه المواضيع
10) اعتبار اجتماعات المجلس التنفيذي مفتوحة، لإتخاذ القرارات المناسبة، وتشكيل لجنة طوارىء من المجلس والفعاليات المارونية، لمتابعة تنفيذ مضمون هذه البنود.
غبطة البطريرك،
بهذه المواقف والمبادرات نضيء شمعة في الظلام، ونردّ أيضاً على حسني النية وسيئيها حول ما قامت وتقوم به الرابطة، في الشأن الوطني العام، والتي تقاعس الاعلام عن اظهارها، لأسباب نعرفها، والتي لم تصل جميعها الى علمكم الكريم، لأسباب نجهلها.
وبكل تواضع، خلال تسعة أشهر، حققنا الكثير من الإنجازات التي نتمنى أن تُستكمل بدعمكم وبركتكم، راجياً غبطتكم أن يؤذن لي بإعطاء الكلام لبعض أعضاء المجلس عند الضرورة، بدءاً بحضرة الامين العام الاستاذ فارس أبي نصر، الذي سيرفع الى غبطتكم تقريراً شاملاً عما قام به وحققه المجلس الكريم حتى اليوم.
مع كامل الشكر.