كلمة رئيس الرابطة المارونية النقيب سمير أبي اللمع في اطلاق اللجنة السياسية والوطنية في الرابطة المارونية

صاحب السيادة المطران بولس مطر ممثلاً غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي السامي الاحترام
أصحاب المعالي والسعادة والسيادة
ممثلي أصحاب الفخامة والدولة
ممثلي رؤساء الاحزاب والتيارات اللبنانية
رؤساء الرابطة المارونية السابقين ورئيس المجلس العام الماروني
أعضاء المجلس التنفيذي
ممثلي الصحافة ووسائل الاعلام
الحضور الكريم،

على الولاء للبنان نلتقي اليوم،
وبإسم مارون نجتمع،
وساعة نذكر القديس مارون، نكون أقرب الى الله… فتلوح لنا كفاف الصوامع وعزلة الأديار وقباب الكنائس وعبق البخور، ويغدو لبنان أرض القداسة
وساعة نؤم بكركي، ونلتقي أحبارها، تتدانى المسافات بيننا، وتتداعى السدود

أيها الأحبة،
لا داعي للسؤال عن سبب اللقاء، فكلما التقى موارنة فيما بينهم يكون لبنان بينهم.
كنيسةً وشعباً بنيناه من دم ودموع، نختلف فيه لكننا لا نختلف عليه، فهو متوغّل في وجداننا بقدر ما هو متوغّل في حنايا التاريخ.
شاءت الرابطة المارونية أن يكون هذا اللقاء حول مائدة الخبز والملح في زمن الصوم المقدّس، جامعاً للقلوب، موحّداً للمواقف حول منظومة المسلّمات الوطنية الميثاقية التي نصّ عليها الدستور.
نحن عازمون على التلاقي بين الاتجاهات السياسية وحريصون على تنوّعها… إنما حان الوقت لنصل الى القواسم المشتركة التي تحفظ وجودنا والكيان، فنضع وننفّذ استراتيجيةً سياسيةً واقتصاديةً واجتماعيةً للعبور الى الدولة المدنية العصرية… دولة الحق والمؤسسات، لا دولة المصالح والتسويات. لهذا الهدف نعلن اليوم انطلاقة لجنة الشؤون السياسية والوطنية في الرابطة المارونية بحضوركم ومشاركتكم كإطارٍ للحوار وتبادل الأفكار وبلورة المشاريع واتخاذ القرار.
إن الرابطة المارونية، على صورة بكركي، معنية بلبنان العيش المشترك، وطناً نهائياً لجميع بنيه.
نحن معنيّون ونجهر بالدفاع عن حقوق المسيحيين عموماً، والموارنة خصوصاً، في مؤسسات الدولة وإداراتها العامة وأسلاكها العسكرية والأمنية، لأننا حريصون على هذا العيش المشترك وعلى سلامة لبنان، وهي الرسالة التي سار بهديها من سبقنا الى قيادة وخدمة هذه المؤسسة الوطنية العريقة في القدم.
أيها الإخوة،
الرابطة المارونية هي أنتم. قوّتها من قوّتكم، وإنجازاتها مرآة لإنجازاتكم. نجاحها نجاحكم فادعموها وواكبوا نشاطاتها. تعاونوا معها في نضالها لتقويم أي اعوجاج وتصحيح أي اختلال وتوجيه البوصلة نحو الهدف الحقيقي الذي نسعى إليه جميعاً، ألا وهو حماية الكيان وبناء دولة توفر العدالة وتحقّق التوازن وتمنع الإقصاء، والتهميش في إدارة شؤون الوطن.

أصحاب المعالي،
نهنئكم على الثقة التي منحكم إياها المجلس النيابي، فأنتم أهل علمٍ وخبرة، يشهد عليهما ماضيكم وإنجازاتكم في الميادين التي عملتم فيها.
ملفات عديدة وشائكة تنتظر قراراتكم، أولاها تحضير المناخ الملائم للإستحقاق الكبير (هكذا كان يصفه البطريرك صفير)، وثانيها التصديّ لإنعكاسات الصراع في سوريا على بلادنا وارتداداتها على المستويات الامنية والاجتماعية والاقتصادية والصحية… وإن فلاحكم في التصدي لهذين الأمرين، سيسجل لكم دعماً وترحيباً من جميع اللبنانيين.

السادة النواب
إن الإستحقاق الرئاسي أمانة بين أيديكم لتختاروا وفقاً للدستور رئيساً للجمهورية، نريده مقتدراً، رؤيوياً ومقداماً ليقود مسيرة إنهاض الدولة من كبواتها الأمنية والاقتصادية والإنسانية، فيدفع بالوطن الى مصاف الأمم الحاضنة لشعوبها، العاملة من أجل خيرهم وسعادتهم.
وإن أيّ رئيس سيقع عليه الخيار، ستكون الرابطة بجانبه، داعمةً لمسيرته… وقد علمّتنا الأحداث أن نجاح رئيس الجمهورية في لبنان، مرهون بدعم الموارنة وتكاتفهم حوله.
وأنتم أيها السادة النواب، مسؤولون عن إنجاز قانون للانتخابات يؤمّن صحّة التمثيل الوطني بعيداً عن مغانم الحصص والعدد. بهذا يستقيم العمل التشريعي في الدولة، بدءاً بإقرار قانون اللامركزية الإدارية الموسعة، لتحقيق الإنماء المتوازن، وسنّ قوانين تضع حداً للتبدل الديموغرافي والجغرافي الذي يطال الأرض في لبنان، والذي ينذر بفرز سكاني لا يقوى الوطن على تحملّه.
وإن إقرار قوانين تؤمّن للمتحدّرين من أصل لبناني حق استعادة الجنسية اللبنانية والمشاركة في الانتخابات اللبنانية ترشيحاً واقتراعاً من شأنه أن يصل لبنان المقيم بلبنان المغترب، وما يختزنه الأخير من طاقات هائلة يقتضي الافادة منها على العديد من المستويات.
كما إن الرابطة المارونية عازمة على أن تتابع معكم تنفيذ حكم مجلس الشورى بسحب الجنسية من الذين حصلوا عليها عن غير حق، وهي معكم في رفض كل إشكال التوطين المباشر والمقنّع، خصوصاً محاولة تسريب قوانين تحت ذرائع إنسانية، هي بمفاعيلها ونتائجها أشد خطراً على هوية لبنان من مرسوم التجنيس.
وفي هذا المجال لا بدّ من تحية شكرٍ للسادة النواب الذين أخذوا بتوصيات لجان الرابطة سبيلاً لوضع مشاريع قوانين في العديد من الميادين وأخصّ بالذكر الأمين العام السابق للرابطة النائب نعمة الله أبي نصر الذي تابع هذه الملفات عن كثب أمام القضاء كما أمام المجلس النيابي.
والشكر موصول الى كلّ من شرّفنا بحضوره الكريم هذا اللقاء، من ممثلي أصحاب الدولة، ومعالي الوزراء والنواب الحاليين والسابقين، وممثلي السفراء والمؤسسات والمجالس المارونية، وممثلي رؤساء الأحزاب والتيارات اللبنانية، وأصحاب المقامات النقابية والإعلامية.

صاحب السيادة المطران بولس مطر السامي الاحترام،
شكراً للكلمة الرقيقة التي تفضلتم بحملها الى قلوبنا قبل سمعنا فهي دعم لنا في نهجنا وعملنا. لقد كنتم دائماً موجهاً ومرشداً ونصيراً للرابطة المارونية محبباً الى قلوب أعضائها فلكم منا رئيساً ومجلساً تنفيذياً عميم الشكر على تكرمكم بحضور هذا اللقاء الماروني الجامع، ممثلاً صاحب الغبطة والنيافة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الكليّ الطوبى، الذي نشكره على رعايته هذا الحفل وعلى مواقفه الوطنية الجامعة الحاضنة لكل اللبنانيين متمنين على سيادتكم أن تنقل الى غبطته أن الرابطة المارونية بمن تمثلّ، تأخذ بروحية ومضمون وثيقة بكركي الوطنية وتترسّم خطى الصرح الكبير في التمرّس بثقافة الحرية والانتصار لها.
ومثلما كان الآباء المؤسّسون أوفياء لرسالة الإيمان والحرية، فإن الرابطة وفية لتاريخها وتراث أمّتنا.
وكما تحقّق قيام الوطن بفضل جهاد الموارنة كنيسةً ومجتمعاً، نريد أن نحقّق معاً النقلة النوعية في مشروع بناء الدولة المدنية العصرية التي تؤسّس لمستقبلٍ يليق بالموارنة وبهذا الوطن، وهكذا ينتقل مشعل الوديعة من جيلٍ إلى جيل وتشرأب شعلة الموارنة في اعتلاجها، ولن تخبو أبداً.
عشتم، عاش الموارنة، وعاش لبنان