كلمة رئيس الرابطة المارونية النقيب سمير أبي اللمع في ندوة: “إنعكاسات التباطؤ الدولي في معالجة الأزمة السورية على الاقتصاد اللبناني”

حضرة السيدات والسادة
أعضاء المجلس التنفيذي،
أعضاء الرابطة المحترمين،
سيداتي سادتي.
يسعدني ويشرفي أن أرحب بكم الى هذا اللقاء، وان اثمّن حضوركم المميز هذه المحاضرة التي دعت اليها اللجنة الإقتصادية والمالية والتقنية في الرابطة المارونية، إستكمالاً لسلسلة محاضرات تهدف الى اثارة وتطوير النقاش الهادئ والمنهجي بين اللبنانيين حول مواضيع تتسم بالطابع الوطني والانساني، بعيداً عن الأفكار المسبقة والأصطفافات السياسية والفئوية.
النزوح السوري الى لبنان، والتباطوء الدولي في معالجته ، موضوع يقفز اليوم الى واجهة الاحداث، ويرخي بثقله وانعكاساته وتداعياته على الوطن كله، ليصيبه في مقوماته الأمنيه والاقتصادية والسياسية والانسانية، وحتى الكيانية.
في هذا السياق، نحمل الى علم الحضور الكريم ان المجلس التنفيذي للرابطة المارونية، وعبر بيانات ولقاآت مع المسؤولين السياسيين، وعبر محاضرة ألقاها معالي الوزير وائل أبو فاعور في هذه القاعة منذ خمسة أشهر، كان قد ناشد الفرقاء اللبنانين جميعاً وجوب الابتعاد عن آتون النزاع السوري.

لكن لبنان لم يسلم، ويا للاسف من تداعياته، ولعل أخطر ما اصابه من رذاذه، ان الازمة استفحلت على ارض الوطن ولبنان في وضع سياسي غير مستقر، وفي حالة اقتصادية متردية ناهيك عن ضعف ومحدودية امكانيات الدولة المادية على استيعاب هذه التداعيات.
في ايلول الماضي، وحسب احصائيات المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، كان عدد النازحين السوريين الى لبنان يقارب الثمانين الفا اما اللجنة المركزية التابعة للوزارة الداخلية فتقدر عددهم اليوم بما يقارب التسعماية والسبعة والثمانين الفا، يضاف اليهم اعداد كبيرة من اللاجئيين الفلسطينيين يشكلون 13 % من مجموع النازحين. ومن المتوقع ان يصل العدد الى حوالي المليون والنصف في اوائل أيار المقبل، مما يشكل نسبة 40 % من مجموع المقيمين على ارض لبنان.
اذاء هذا الواقع الاليم والخطير، وما يزيد المشكلة تعقيداً ان لبنان وبحكم موقعه والتزاماته الدولية والانسانية، لايستطيع من جهة، اقفال ابوابه امام رجال ونساء واطفال، هاربين من نيران مستعرة … ومن جهة اخرى يحتم عليه واجبه الوطني والسيادي ان يقارب هذه الحالة بحكمة وروية وعقل منفتح، فيوازن بين المنطلقات الانسانية والاخلاقية وواجب المحافظة على الكيان، بعيداً عن المصالح السياسية الآنية، والمزايدات والاتهامات والتساهل الذي يفضي حتماً الى تسيب مخيف.

ولنقلها بصراحة … ان ازمة النزوح السوري الى لبنان لم تعالج منذ بداياتها بقرار سياسي موحد يؤول الى وضع استراتيجية عمل واضحة المعالم خصوصاً لجهة إنعكاساتها المدّمرة على الإقتصاد اللبناني، … فكلما كان يطرح ملف النازحيين السوريين، كانت
السلطات تقع في الارباك… وعندما كان يطرح وجوب اعلاء الصوت امام المنابر الدولية والعربية، كانت تبداً التجاذبات وتشيح الرؤوس عن الواقع … واليوم اضحت مخيمات النازحيين تنتشر كالفطر في طول البلاد وعرضها، ولا رقيب ولا حسيب.

ايها الحضور الكريم،

أن غياب الوفاق السياسي بين اللبنانيين، واختلاف النظرة الى القرار السيادي بين المسؤولين، حولا ازمة النزوح هذه الى مشكلة اولى يصعب حلها على المدى القريب.
تقول السيدة نينت كيلي ممثلة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان في احدى مداخلاتها:
“نحن كهيئات اممية وضعنا خططاً ونعرف ما علينا القيام به، لكنها نصف جاهزة، ان لم يكن هناك آلية وطنية لمواجهة الازمة قبل حدوثها، وليس عندما تقع”
اما المشكلة الثانية، فتتمثل بتردد وتباطوء المجتمع الدولي القادر،والدول المانحة الكبرى عن تقديم المساحدات الكافية للبنان، دعماً لاقتصاده الذي اضحى متردياً، وامنه الذي بات متداعياً نتيجة صراع اقليمي ودولي، لم يكن بعضهم بعيداً عن اذكائه وتسعيره.
ناقوس الخطر ندقه هذه العشية في حضور نخبة مميزة من رجال الفكر والرأي، مشفوعاً بالكثير من الأسئلة كونها تتعلق بمصير لبنان لعقود، آملين الحصول على اجوبة شافية من الصديق البروفسور أنطوان مهنا الذي سيقارب هذا الموضوع الدقيق بشفافية وعقل منفتح.

كما كل الثناء لعمل ونشاط اللجنة الإقتصادية والمالية والتقنية في الرابطة الذي يتولى رئاستها الصديق العزيز الإستاذ لوران عون، الذي سيتولى بدرايته العلمية والقانونية إدارة المناقشة حول هذه المحاضرة.

مع تكرار الشكر للحضور الكريم فرداً فرداً.

ايها السيدات والسادة،

مع الازمة السورية وغيرها من الازمات التي تعصف بلبنان، نعيش اليوم اجواء تطورات أمنية تهدد الامن القومي للبنان وتجعل مستقبله يخضع لغير تدبير من شأنه النيل من قدراته الوطنية وثرواته الطبعية وارضه والانسان … وهذا ما يحدو بالرابطة المارونية ومن منطلقها الوطني الشامل لجميع قطاعات الوطن، التحرك الجاد على المستويات كافة، مع المخلصين والمؤمنين بديمومة هذا الوطن، سعياً وراء تضامن الشعب امام المخاطر التي تهدد نظامه والكيان، والعمل من اجل مجتمع اكثر تجانساً واشد وحدة وابعد رؤية … ليبقى لبنان الذي نريده عزيزاًمعافى، منطلقا خصباً للفكر ومعقلاً حصيناً للحرية.