ندافع عن قضية حق في وجه تدابير كيديّة
قرار تجميد صلاحيات السيدة غلوريا أبو زيد بقرار من وزير الزراعة غازي زعيتر والطلب الذي تقدّم به الى مجلس الوزراء لتسوية وضعها بالغاء مرسوم تعيينها مديرة عامة أصيلة للتعاونيات واعادتها الى رئاسة المشروع الاخضر، كان موضوع المؤتمر الصحفي الحاشد الذي عقده عند الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر اليوم رئيس الرابطة المارونية النقيب انطوان قليموس في مقر الرابطة بالمدوّر في حضور أعضاء المجلس التنفيذي، وحشد كبير من الصحافيين والاعلاميين.
وفي ما يأتي نص المؤتمر الصحفي:
” اهلاً وسهلاً بعين اللبنانيين ولسانهم. اهلاً وسهلاً بكم في هذا الصرح الوطني الذي ما نطق إلا بالحق وما حمى إلا المصلحة الوطنية والقضايا المحقة المرتبطة بها. لقاؤنا اليوم هو للدفاع عن قضية حق، بعد أن تبلغنا معلومات مؤكدة عن إجراآت تستشف منها الكيّدية والظلم أتخذت بحق المديرة العامة للتعاونيات المهندسة السيدة غلوريا أبو زيد، تبعاً لرفضها الاذعان لطلب الوزير غازي زعيتر بإلغاء العقوبات التي سبق لها أن أتخذتها بحق موظفات ارتكبن مخالفات قانونية ومسلكية، ولامتناعها أيضاً عن إعطاء إفادات متعلقة بأحد صناديق التعاضد وبتعاونيتين مشوبة بأخطاء قانونية جسيمة مرتبطة بتأسيسها أو بأهدافها، ولاتخاذها قراراً بحلّ التعاونيتين المذكورتين بتاريخ 11/2/2017.
أمام إصرارها هذا، قام معالي الوزير بإصدار قرارات عدة بتاريخ 15/2/2017، إثنان منها يقضيان بإلغاء القرارين الصادرين عن المهندسة أبو زيد واللذين حلّت بموجبهما التعاونيتين السكنيتين المخالفتين، بالاضافة لأربع قرارات تناول كل منها الغاء العقوبة المتخذة بحق الموظفات التي سبق للمديرة أبو زيد أن قررتها.
كما أصدر قرارات أخرى تناولت تجميد صلاحيات السيدة أبو زيد، الى أن وصل الامر به الى إصدار القرار رقم 678/1 تاريخ 2/3/2017 الذي تضمّن “توقيف السيدة أبو زيد عن القيام بمهامها كمدير عام للتعاونيات وذلك بانتظار البتّ بوضعها القانوني من المراجع المختصة، ألحقه بكتاب موجه للأمانة العامة لمجلس الوزراء رقم 1776/3 بالتاريخ عينه، يطلب بموجبه تسوية وضع السيدة أبو زيد عن طريق إلغاء المرسوم رقم 2182 تاريخ 18/8/2015 الذي عيّنت بموجبه مديرة عامة أصيلة للتعاونيات وإعادتها الى رئاسة المشروع الاخضر”.
تلك هي الوقاع المجرّدة لهذه القضية التي شغلت الرأي العام وشغلتكم في الايام الثلاث الماضية.
من منطلق هذه الوقائع نتوقف عند سؤالين أساسيين لا ثالث لهما.
السؤال الاول: ما مدى قانونية الاجرآات المتخذة من الوزير زعيتر بحق السيدة غلوريا أبو زيد؟
السؤال الثاني: لماذا تحرّكت الرابطة المارونية في هذه القضية؟
أولاً: بالنسبة الى السؤال الاول:
من المفروض على الوزير المؤتمن على المصلحة العامة والمال العام، أن يعمل على وقف الهدر وعدم تفضيل أي مصلحة خاصة على مصلحة الدولة والخزينة.
لذا من المستغرب أن يصار الى قمع موظفة مثالية ” نعم مثالية” هدفت من القرارات التي أتخذتها أو التي امتنعت عن إتخاذها الى حماية المال العام وتطبيق القانون، وبالتالي تفضيل المصلحة العامة على أي مصلحة خاصة.
وهنا نتساءل عن مدى قانونية القرارات التي أتخذها الوزير زعيتر.
جواباً على تساؤلنا، نتوقف عند إبداء ملاحظات يفرضها المنطق المجرد دونما الخوض في بحث قانوني يؤول للدفاع عن السيدة أبو زيد التي تتقن الدفاع عن نفسها وتعرف كيف تقوم بهذه المهمة خير قيام.
– هل يحق للوزير زعيتر توقيف المديرة العامة للتعاونيات عن ممارسة صلاحياتها إستناداً للمرسوم الاشتراعي رقم 112 تاريخ 12/6/1959، وهل يعتبر قراره بهذا الخصوص مخالفاً للمرسوم المذكور وبالتالي يشكل عقوبة غير قانونية ومقنّعة بحقها ؟
– لماذا لم يتحقق الوزير زعيتر وهو المحامي والقانوني بإمتياز من قانونية المرسوم رقم 2182 تاريخ 18/5/2015 قبل أن يوقعه، علماً أن هذا المرسوم مذيّل بتوقيعه عندما كان وزيراً للإشغال العامة بحكومة الرئيس تمام سلام؟
إنني أترك للسيدة غلوريا أبو زيد معالجة هذه المسائل أمام المراجع القضائية المختصة التي سيكون لها الكلمة الفصل بها، لأنني لست اليوم محامياً عن قضيتها الخاصة بل عن قضيتها وقضيتنا العامة التي أعطيت الرابطة المارونية وكالة طوعية فيها من الرأي العام المسيحي، نعم من الرأي العام المسيحي دونما أي إحراج أو تطفّل.
وهنا نصل الى السؤال الثاني
ثانياً: بالنسبة للسؤال الثاني:
لماذا تحركت الرابطة المارونية في هذه القضية؟
عندما تدعو الرابطة المارونية المسيحيين للانخراط في الدولة أي في الادارة العامة والجيش والمؤسسات الامنية، عليها أن تبرهن لهم أن دعوتها لهم صادقة.
بمعنى آخر، عندما يصار للإفتراء ظلماً على موظف مسيحي كبير في الدولة، كفؤ، نظيف الكف، لا يخاف إلا ربه، شجاع، مقدام وتقف الرابطة المارونية مكتوفة الايدي خرساء عمياء أمام هذا الامر، فماذا عسى المسيحيين الذين تحاول الرابطة إقناعهم للانخراط بمشروع الدولة أن يقولوا لها سوى الى أي وليمة تدعوهم، وهل هي وليمة الظلم والإستضعاف والتخاذل، أم وليمة إدخالهم في منظومة الفساد المتحكمة في إدارات الدولة؟
لا أيها الاحبة، إن الرابطة المارونية تدعو المسيحيين الى واجب الخدمة بكرامة ومهنية واخلاقية عالية والشراكة في صنع مستقبل الوطن، وهي تقف الى جانبهم من هذه المنطلقات.
فالمجلس التنفيذي للرابطة المارونية ومنذ بدء ولايته وفي بيانه الانتخابي آل على نفسه أن يقرن القول بالفعل وهو اليوم فاعل. فتجذّر المسيحيين بأرضهم ودعوة المغتربين للتواصل الاقتصادي مع الوطن والاجتماعي وتنمية حسّ الإنتماء لديهم. لا تصح جميعاً إلا بالشراكة الفعلية في الحقوق الواجبات، ومحاربة الفساد والمفسدين وتعميم الشفافية في شؤون الحكم.
من هنا كانت دعوتي للقائكم اليوم لإطلاع الرأي العام على الظلامة التي لحقت بالمهندسة غلوريا أبو زيد الموظفة بامياز واللبنانية بامتياز والتي نفخر بها كلبنانيين أولاً وكمسيحيين وموارنة ثانياً.
فالرابطة المارونية لا تقبل بأن تُرفد الدولة والوظيفة العامة فيها إلا بالموظفين الكفوئين الذين لا يروا في الوظيفة العامة سوى خدمة الوطن والدولة والعيش الحلال.
لقد آن الآوان لقول كلمة الحق جهاراً وبصوت عالٍ كي لا تبقى الحقيقة دفينة في التراب.
إن الرابطة المارونية ومن هذا المنطلق تطلب من الاعلام اللبناني بكافة مكوناته وفي هذه المرحلة المفصلية من تاريخنا، احداث انقلاب أبيض على الذهنية المتحكمّة بمفاصل الدولة، فلبنان هو وطنكم وأنتم تشكلون السلطة الاساس لتحريك الاحساس الوطني.
كما تتوجه الرابطة المارونية الى المعنيين جميعاً وعلى رأسهم فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أبى إلاّ أن تكون محاربة الفساد العنوان الاساس في عهده، والى دولة رئيس مجلس الوزراء ودولة رئيس مجلس النواب والوزراء كافة لحماية أمثال غلوريا أبو زيد عن طريق وضع يدهم على هذه القضية واتخاذ القرارات الملائمة التي لا يمكن إلا أن تكون الى جانب الحق والحقيقة، الى جانب غلوريا أبو زيد.
كما أغتنم الفرصة كي أوجه رسالة صادقة من القلب كما العادة للوزير غازي زعيتر بأن يستفيد من أمثال غلوريا أبو زيد ومن الكفاءات التي تميّزت بها على الصعيدين المحلي والدولي وهي التي رفعت إسم لبنان عالياً في كافة المحافل، بدلاً من مراعاة مصالح غير مشروعة وغير قانونية بغض النظر عن هوية أصحابها ومكانتهم. فهذه الموظفة لا تكيل إلا بمكيال العدل والحق والقانون.
لقد كفى إستضعافاً بالموظفين الكفوئين بشكل عام والمسيحيين بشكل خاص.
إن الخطاب الذي نمارسه هو وطني بامتياز ويبقى وطنياً بامتياز حتى ولو كان ظاهره طائفي ولا حرح لنافيه، فهذا واجبنا وهذه مهمتنا. فتكوين الدولة اللبنانية وحتى آشعار آخر مبني على الطائفية البغيضة، حبذا لو كل طائفة أو مرجعية سياسية تقدم للدولة أو للوظيفة العامة موظفين كأمثال غلوريا أبو زيد، لكنّا تمسّكنا بالطائفية بدلاً من رشقها باللعنات والنعوت التي تستأهل.
فمن هذا المنطلق، وبإنتظار بلورة مشروع الدولة المدنية المستقبلي والطليعي للأجيال اللبنانية ولأولادنا ولمغتربينا المبنية على الكفاءة والنزاهة، أدعوا بعض القابضين على القرار الوطني في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن التي يواجه فيها لبنان شتى المخاطر من الداخل والخارج أمنياً واقتصادياً واجتماعياً وديموغرافياً، أن يتّقوا الله ويحفظوا الامانة.
إن التاريخ لن يرحمهم والاجيال لن ترحمهم والانتخابات النيابية القريبة إنشاء الله لن ترحمهم، فاللبناني لم يعد شلعة من قطيع يساق الى الذبح لإطعام النهمين منهم آكلي خبز الجياع وسارقي ريق العطاش.
حفظكم الله وأبقاكم أمناء على الرسالة والوطن.”
عـشتـم، عاشت الرابطة المارونية، ليحيا حرّاً لبنان.
الاسئلة والاجوبة:
- وبعد تلاوة بيان المؤتمر، ردّ قليموس على سؤال حول إمكان لقائه مع الوزير غازي زعيتر لبحث هذه القضية،
فقال: نحن منفتحون على الجميع، ولا عقد لدينا في الجلوس مع أحد، خصوصاً الامر يتعلق بمصلحة الدولة. ونحن جاهزون للقاء الوزير زعيتر لبحث قضية الموظف في الدولة بشكل عام بمعزل عن هويته، ولبحث كيفية تكوين الدولة، ونداؤنا الى كل الوزراء المسيحيين والمسلمين الاسراع في البدء في مسيرة إصلاح الدولة خصوصاً في عهد الرئيس ميشال عون الذي حمل لواء مكافحة الفساد، والانكباب على حماية الموظفين الاكفياء والذين هم بقدر عال من النزاهة. وإن اعادة النظر بالتركيبة الادارية وتحصين الموظفين الشرفاء لوقف منظومة الفساد المتغلغلة في شرايين الدولة بغرض استئصاله من جذوره، وأن هناك قضية الضمان الاجتماعي الذي يحتاج الى معالجة لما يعتريه من فساد. فمن أجل كل هذه الامور المتصلة بهيبة الدولة، ونزاهة إدارتها وكفايتها، يجب العمل معاً لنكون منفتحين ومنتجين، والرابطة ستبقى مترقبة ومتابعة وصولاً الى الهدف المنشود.
- وسئل عما ستفعله الرابطة المارونية في حال عدم تجاوب الوزير زعيتر مع طلبها؟
فأجاب: أنا أتحدث كرئيس للرابطة المارونية ولست أدافع إلاّ عن الحق وقضية أبي زيد هي قضية حق واضحة وناصعة كثلج صنين. وقد وضعنا الامر في عهدة رئيس الجمهورية وكل الدولة حتى تتلقفه وهذا ما يعنينا، كما تعنينا مصلحة الوطن والشعب في دولة الحق والعدالة.
وبالنسبة الى السيدة أبي زيد فهي تقوم بدورها بمراجعات قانونية لدى القضاء المختص وهو حق لها.