الحكومة فــــي ثلاجة توجّس الشيعية السياسية مـــن المـــارونية السياسـية … قليموس لـ “أخبار اليوم”: لا نستطيع وضع التأخير الحكومي في هذا الإطار

الحكومة فــــي ثلاجة توجّس الشيعية السياسية مـــن المـــارونية السياسـية
قليموس لـ “أخبار اليوم”: لا نستطيع وضع التأخير الحكومي في هذا الإطار
صيغـــة “لبنان الكبير” مهـــدّدة دائماً لــــكن “ما حدا يلـــــعب هــذه اللـعبة”
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انطون الفتى-  إنه اليوم 38 بعد إتمام الإستحقاق الرئاسي وانتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، واليوم 35 على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل الحكومة الجديدة. كثيرون ما زالوا يعتبرون أن المهلة الحالية لتشكيل الحكومة لا تزال طبيعية، فيما تتصاعد هواجس آخرين لأن الزخم الذي رافق إتمام الإستحقاق الرئاسي وتكليف الحريري أعطى مؤشراً على أن الحكومة الجديدة ستبصر النور خلال أيام أو بهامش أسبوعين لا أكثر.
لكن العِقَد التي برزت مع الشروط و”الفيتوات” التي رافقت مشاورات الكتل النيابية مع الحريري أعطت انطباعاً آخر. فالرئيس نبيه بري يبدو شديد الحساسية في الآونة الأخيرة، والطبخة الحكومية مؤشر على مكنونات كثيرة.
يبدو أن الرئيس نبيه بري، ولو لم يقصد او يتقصّد ذلك، تقمّص روح “الحركة الوطنية اللبنانية” التي أرادت قبيل ومع بدء الحرب “تلقين” الموارنة درساً لا يُنسى. وبالعودة الى ما قبل إنجاز الإستحقاق الرئاسي، كان بري على لسان وزير المال علي حسن خليل أبدى رفضه العودة الى صيغة ميثاق 1943.
وبالعودة الى ما قبل ذلك، نرى الرئيس بري يوزّع كعك العباس على بيان اجتماع مجلس المطارنة الموارنة الشهري، في سابقة من نوعها، كما رأيناه بعد تكليف الحريري يضع شروطاً وشروطاً مضادة على “القوات اللبنانية” (وهي رافعة مسيحية أساسية للعهد الجديد) تارة بحجّة حصّة “المردة” وطوراً بحجّة حصة “الكتائب”. هذا كلّه معطوف على عدم تصويت كتلة “التنمية والتحرير” للعماد عون كرئيس للجمهورية، وردّه على كلام الرئيس عون في بكركي ورد نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان على البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، أمور تعطي انطباعاً بأن بري يريد أمراً آخر. فيما “حزب الله”، الحليف الإستراتيجي لرئيس المجلس النيابي، يحتفظ بمواقف غامضة حيال التعثّر الحكومي، وهو كما يبدو غير متحمّس لإطلاق عجلة عهد الرئيس ميشال عون. فهل هي حرب الثنائية الشيعية على المارونية السياسية؟.
فالإستعراض شبه العسكري الذي حصل في الجاهلية، قبيل عيد الإستقلال، أعطى كثيرين انطباعاً أنه رسالة من “حزب الله” الى الرئيس عون والعهد الجديد، خصوصاً انه أتى بعيد عرض عسكري لـ “حزب الله” في القصير. كما أعطى انطباعاً بأن “حزب الله” يسعى، “من خلال عسكرة المجتمع اللبناني، الى إعطاء صورة ان صيغة “لبنان الكبير” التي شكلت المارونية السياسية أساساً لها انتهت، ولبنان الجديد سيقوم وفق نظام الثورة الإسلامية في ايران”. وما قد يدعم هذا التصوّر، الإتهامات التي توجه الى “حزب الله” برعاية سرايا المقاومة لدى السنّة وسرايا الجاهلية لدى الدروز ايضاً. قد يكون التغيير الذي طرأ على الداخل اللبناني مؤخراً جعل منسوب القلق يرتفع لدى الثنائية الشيعية. فهي كانت الحليف الأساسي للإحتلال السوري في لبنان، هذا الإحتلال الذي أتى برئيسي جمهورية وعهدين رئاسيين غير مرتبطين لا شكلاً ولا مضموناً بالمارونية السياسية الكلاسيكية، وبصيغة لبنان الكبير الفعلية، وسط تهميش واسع للحضور المسيحي على أكثر من صعيد، وللزعامات المسيحية.
بينما اليوم، نرى إنتخاب رئيس جمهورية هو العماد عون الذي أتى برافعة مسيحية أساسية، وكبرى، بعد “إعلان النوايا” مع “القوات اللبنانية”.
ربما هذا كلّه رفع منسوب القلق والحذر من المارونية السياسية المتجدّدة.
لإنتظار كلام نصرالله
في هذا الإطار، أكد رئيس الرابطة المارونية أنطوان قليموس “أننا لا نستطيع أن نضع التأخير الحاصل في تشكيل الحكومة في إطار محاربة الشيعية السياسية للمارونية السياسية بانتظار ما سيخرج به أمين عام “حزب الله” السيد حسن نصرالله الجمعة القادم”.
وأضاف في حديث الى وكالة “أخبار اليوم”: يوجد موقف من رئيس مجلس النواب نبيه بري حالياً كردّة فعل على تجاوزه في معرض إنتخاب الرئيس ميشال عون.
ولفت قليموس الى أن مواقف بري والوزير خليل الذي يمثله قبيل الإستحقاق الرئاسي (من رفض العودة الى صيغة 1943) لا يمثّل الطائفة الشيعية كلّها، لأنها لو كان الامر كذلك لكان انسحب على مواقف “حزب الله” ايضاً. لكننا رأينا أن مواقفه ظلّت شيعياً محصورة بحركة أمل وبكتلته النيابية فقط.
هامش مفتوح؟
وتابع: صحيح أنه بعد إنتخاب الرئيس عون وتكليف الحريري تشكيل الحكومة، حصل تكليف من “حزب الله” للرئيس بري بالتفاوض حكومياً كممثّل له، لكن ذلك لا يعني ان “حزب الله” أخذ موقفاً مع بري بمواجهة المارونية السياسية. طبعاً تكليف “حزب الله” ملف الحكومة لبري أعطاه هامشاً واسعاً للتحرّك، لكننا بحاجة الى التريّث لنرى إذا كان هذا الهامش مفتوحاً أم له إطار زمني وأفق معيّن. لذلك يجب انتظار ما سيقوله السيد نصرالله الجمعة لنرى إذا كان يوجد صراع بين الشيعية السياسية والمارونية السياسية، انطلاقاً مما سيقوله.
وحول التطمينات التي يمكن أن تعطى لبري، أجاب قليموس: أعتقد أن الرئيس بري حصّل على المستوى الشخصي كل ما يريده. أما المناورة الآن فهي لتحقيق رغبات حليفه الوزير السابق سليمان فرنجية. ويبقى وجود قطبة مخفية، مع وجود شدّ حبال بالنسبة الى قانون الإنتخاب، فيما التعقيدات الوزارية تأتي نتيجة ذلك.
ما حدا يحاول
وعن رغبة بعض الجهات بإنهاء صيغة “لبنان الكبير”، رأى قليموس أن هذه الصيغة مهدّدة دائماً يميناً وشمالاً لتغيير وجه لبنان وإطاره السياسي، لكني لا أعتقد أنه يوجد تهديد فعلي لها في الوقت الحاضر. ونقول “ما حدا يحاول يلعب هذه اللعبة”، لأن لبنان لن يكون مركزاً لا لتصدير نظام الثورة الإسلامية الايرانية ولا لأي مشروع آخر، لأن ذلك لن ينجح بسبب تركيبته.

المصدر: وكالة أخبار اليوم

7-12-2016