الحسيني لوفد الرابطة المارونية: ما ينفذ اليوم ليس الطائف بل الاتفاق الثلاثي

قال الرئيس حسين الحسيني خلال استقباله رئيس الرابطة المارونية النائب السابق نعمة الله أبي نصر، والأمين العام للرابطة جورج حاج، وأمين صندوقها عبده جرجس على مدى ساعة ونصف ساعة في منزله: “إن ما نفذ حتى اليوم ليس اتفاق الطائف بل ما عرف بـ”الاتفاق الثلاثي” الذي أقر في دمشق برعاية نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام، وحضور الأطراف الذين شاركوا في الحرب اللبنانية”.

أضاف: “محاضر اتفاق الطائف لا يتم نشرها إلا في حالتين، الأولى: وهي عندما يعود لبنان إلى حالته الطبيعية، والثانية: في حال قرر النواب الذين حضروا اللقاءات النيابية، نشرها. فهذه المحاضر اتسمت بالسرية، لأنها تضمنت مداخلات صريحة للنواب الحاضرين في مدينة الطائف ، إذ كان هؤلاء النواب مدعوين إلى الخروج عن التحفظ والحذر في التعبير الواضح والصريح عن هواجسهم وهواجس الطائفة التي ينتمون إليها”. واعتبر “أن حكومات ما بعد الطائف لم تلتزم تنفيذ الإتفاق، وأمعنت في ضرب ركائز ميثاق العيش المشترك، من خلال العديد من الممارسات التي لا تمت إلى هذا الميثاق بصلة”.

أبي نصر
في مستهل اللقاء قال أبي نصر: “الكل يعلم أن اجتماعات الطائف، وقائعها ومداولاتها دونت كلها في محاضر، ومجموعة هذه المحاضر من ذاك التاريخ حتى اليوم تحتفظون بها بحجة أن لها طابعا سريا وأنكم مستعدون لتسليمها إذا ما طلبها منكم مرجع دستوري ذات صفة كمجلس النواب مثلا لدرسها حتى إذا تبين أن ليس فيها ما يستلزم السرية أو يسيء إلى الوطن يصبح من الواجب نشرها”.

وتابع: “بما أن للرابطة المارونية الصفة والمصلحة في الإطلاع على هذه المحاضر، وسبق أن طلبنا ذلك في 5/10/2006 وفي 3/10/2019 من دولة رئيس مجلس النواب الحالي فأحالنا إليكم للمرة الثانية”، نتمنى عليكم تزويدنا بهذه المحاضر إن أمكن”.

الحسيني
ورد الرئيس الحسيني على ما أثاره أبي نصر وأعضاء الوفد، فقال: “إن الحوار بين اللبنانيين لم ينقطع أبدا، بل كان مستمرا حتى في ظل استمرار الحروب الداخلية، وقد كان هؤلاء في الأصل محكومين بتهمة النفاق أو التكاذب الوطني حول ميثاقٍ وطنيٍ غير مكتوب، بالرغم من الوضوح حوله في البيان الوزاري لحكومة الرئيس رياض الصلح. وهذا ما دفعنا دوما إلى استكشاف حقيقة هواجس اللبنانيين ومخاوفهم، التي تستدعي ذلك التكاذب الوطني. وعلى الرغم من أن اتفاق الطائف كتب في لبنان عبر محطات رئيسية مستخلصة من تلك الحوارات، آخذين في الاعتبار جميع الثغرات التي تحول دون الخروج من تلك الهواجس والمخاوف مثلا، عدم الوضوح في هوية لبنان الوطنية وكذلك العربية، فضلا عن استمرار الالتباس في تحديد نظام الحكم، واتفاق الطائف، الذي كتب في لبنان، وكان المجلس النيابي ساحة الحوار، قد عالج معظم هذه الثغرات”.

وتابع:”هنا كنا مدعوين إلى دفع النواب المجتمعين في مدينة الطائف التي هي خراج مكة المكرمة، إلى الخروج عن التحفظ والحذر، بحيث تكون مداخلاتهم صريحة وواضحة، وذلك بعد أن قرر المجتمعون الاحتفاظ بسرية المحاضر وعدم نشرها إلا في حالتين، الأولى: أن يعود لبنان إلى حالته الطبيعية، والثانية، في حال أن النواب الذين حضروا اللقاءات النيابية يطلبون نشر المحاضر. ولبنان منذ انتخابات 1992، التي شابها الافتقار إلى الشرعية، لمقاطعة أكثر من نصف الشعب اللبناني لها، وحتى يومنا هذا، تفتقر سلطاته إلى الشرعية الدستورية”.

اضاف: “لا أحبذ نشر محاضر وثيقة الوفاق الوطني قبل تطبيقها بكامل مندرجاتها وتفاصيلها، فلا مصلحة وطنية من نشرها الآن، في ظل الممانعة في تطبيق الطائف، وبالرغم من المحاولات العديدة لاستصدار القوانين التطبيقية لأحكام الدستور من مثل قانون السلطة القضائية المستقلة، نظام المجلس الأعلى للدفاع، قانون الانتخابات النيابية وفقا لأحكام الدستور، ووضع النظام الداخلي لمجلس الوزراء بقانون”.

وقال: “كان للبطريرك صفير وللفاتيكان دور وإسهام في إقرار الطائف الذي تم بضمانة خادم الحرمين الشريفين وملك المغرب وجامعة الدول العربية والأمم المتحدة”. أضاف: “أن الطائف كرس نهائية لبنان وعروبته وهويته وانتمائه والعيش المشترك، وأن لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك، وأن لبنان وطن سيد، حر، مستقل، نهائي لجميع أبنائه، موحد أرضا وشعبا ومؤسسات، عربي الهوية والانتماء، نظام الحكم فيه ديموقراطي برلماني، يكرس الإنماء المتوازن بين كل المناطق والمساواة بين كل اللبنانيين في الحقوق والواجبات، والقبول بإلغاء الطائفية السياسية كهدف وطني أساسي. ومعظم هذه العناوين لم تسلك طريقها إلى التنفيذ وسط تمنع حكومات ما بعد الطائف في الالتزام بالاتفاق، لا بل إمعانها في ضرب مرتكزاته الميثاقية، وأبرز ما اقترفته في هذا المجال هو مرسوم التجنيس في العام 1994 المخالف للقانون والدستور وميثاق العيش المشترك ومنح الجنسية اللبنانية لعشرات الآلاف من غير مستحقيها”.

وختم: “هذا مختصر عن المبادئ التي أقرت في الطائف، وأكرر أن ليس من المصلحة الوطنية نشر محاضر الاتفاق ما لم يتم مباشرة تنفيذه وعودة لبنان إلى حالته الطبيعية”.